الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
أن هذا من البراهين الدالة على أنه لا يستحق أحد أن يكون شريكا مع الله؛ لأن الملائكة وهم أقرب ما يكون من الخلق لله ـ عز وجل ـ ما عدا خواص بني آدم يحصل منهم عند كلام الله ـ سبحانه ـ الفزع. * * * قوله تعالى: الفزع: الخوف المفاجئ؛ لأن الخوف المستمر لا يسمى فزعا. وأصله: النهوض من الخوف. وقوله تعالى: {عن قلوبهم}؛ أي: قلوب الملائكة؛ لأن الضمير يعود عليهم بدليل ما سيأتي من حديث أبي هريرة، ولا أحد من الخلق أعلم بتفسير القرآن من الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ. قوله تعالى: وإعراب ماذا على أوجه: 1-ما: اسم استفهام مبتدأ، وذا: اسم موصول خبر؛ أي: ما الذي. 2-ماذا: اسم استفهام مركب من ما وذا. 3-ما اسم استفهام، وذا زائدة، قال ابن مالك: وقوله: {قالوا الحق}، أي: قال المسؤولون. والحق: صفة لمصدر محذوف مع عامله، والتقدير قال القول الحق. والمعنى: أن الله ـ سبحانه ـ قال القول الحق لأنه سبحانه هوالحق، ولا يصدر عنه إلا الحق، ولا يقول ولا يفعل إلا الحق. والحق في الكلام هو الصدق في الأخبار، والعدل في الأحكام؛ كما قال الله تعالى: ولا يفهم من قوله: {قالوا الحق} أنه قد يكون قوله باطلا، بل هوبيان للواقع، فإن قيل: ما دام بيانا للواقع ومعروفا عند الملائكة أنه لا يقول إلا الحق؛ فلماذا الاستفهام؟! أجيب: أن هذا من باب الثناء على الله بما قال، وأنه سبحانه لا يقول إلا الحق. قوله تعالى: أنه إذا كان منفردًا في العظمة والكبرياء؛ فيجب أن يكون منفردًا في العبادة. والعلو قسمان: الأول: علو الصفات، وقد أجمع عليه كل من ينتسب للإسلام حتى الجهمية ونحوهم. الثاني: علو الذات، وقد أنكره كثير من المنتسبين للإسلام مثل الجهمية وبعض الأشاعرة غير المحققين منهم؛ فإن المحققين منهم أثبتوا علو الذات. وعلوه لا ينافي مع كونه مع الخلق يعلمهم ويسمعهم ويراهم؛ لأنه ليس كمثله شيء في جميع صفاته. وفي الآية فوائد: 1-أن الملائكة يخافون الله؛ كما قال تعالى: 2-إثبات القلوب للملائكة؛ لقوله: 3-إثبات أنهم أجسام وليسوا أرواحا مجردة من الجسمية، وهو أمر معلوم بالضرورة، قال تعالى: لكنهم لا يأكلون ولا يشربون، وإنما أكلهم وشربهم التسبيح بدليل قوله تعالى: 4-أن لهم عقولاً؛ إذ إن القلوب هي محل العقول خلافا لمن قال: إنهم لا يعقلون، ولأنهم يسبحون الله، ويطوفون بالبيت المعمور. 5-إثبات القول لله ـ سبحانه وتعالى ـ وأنه متعلق بمشيئته؛ لأنه جاء بالشرط: (إذا فزع)، وإذا الشرطية تدل على حدوث الشرط والمشروط، خلافا للأشاعرة الذين يقولون: إن الله لا يتكلم بمشيئة، وإنما كلامه هو المعنى القائم بنفسه؛ فهو قائم بالله أزلي أبدي؛ كقيام العلم والقدرة والسمع والبصر. ولا ريب أن هذا باطل، وأن حقيقته إنكار كلام الله، ولهذا يقولون: أن الله يتكلم بكلام نفسي أزلي أبدي، كما يقولون: هذا الكلام الذي سمعه موسى، وسمعه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونزل به جبريل على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيء مخلوق للتعبير عن كلام الله القائم بنفسه. وهذا في الحقيقة قوله الجهمية؛ كما قال بعض المحققين من الأشاعرة: ليس بيننا وبين الجمهية فرق، فإننا اتفقنا على أن هذا الذي بين دفتي المصحف مخلوق، لكن نحن قلنا عبارة عن كلام الله، وهم قالوا: هو كلام الله. 6ـ إثبات أن قول الله حق، وهذا جاء في القرآن: * * * وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: قوله: (وفي الصحيح)، سبق الكلام عليها. قوله: قوله: (خضعانًا)، أي: خضوعا؛ لقوله: (كأنه)؛ أي: صوت القول في وقعه على قلوبهم. قوله: (صفوان) هوالحجر الأملس الصلب، والسلسلة عليه يكون لها صوت عظيم. وليس المراد تشبيه صوت الله تعالى بهذا؛ لأن الله قوله: (ينفذهم ذلك)، النفوذ: هوالدخول في الشيء، ومنه: نفذ السهم في الرمية؛ أي دخل فيها، والمعنى: إن هذا الصوت يبلغ منهم كل مبلغ. قوله: قوله: (قالوا)، أي: قال بعضهم لبعض. قوله: يحتمل أن يكونوا قد علموا ما قال، وقالوا: إنه الحق؛ فيكون هذا عائدا إلى الوحي الذي تكلم الله به. ويحتمل أنهم قالوا ذلك لعلمهم أن الله ـ سبحانه ـ لا يقول إلا الحق؛ فلذلك قالوا هذا لأن ذلك صفته سبحانه وتعالى. وهذا الحديث مطابق للآية تماما، وعلى هذا يجب أن يكون هذا تفسير الآية، ولا يقبل لأي قائل أن يفسرها بغيره؛ لأن تفسير القرآن إذا كان بالقرآن أوالسنة؛ فإنه نص لا يمكن لأحد أن يتجاوزه. وأما تفسير الصحابي؛ فإنه حجة عند أكثر المفسرين، وأما التابعين؛ فإن أكثر العلماء يقول: إنه ليس بحجة إلا من اختص منهم بشيء؛ كمجاهد؛ فإنه عرض المصحف على ابن عباس عشرين مرة أوأكثر، يقف عند كل آية ويسأله عن معناها، وأما من بعد التابعين؛ فليس تفسيره حجة على غيره، لكن إن أيده سياق القرآن كان العمدة سياق القرآن. فلا يقبل أن يقال: إذا فزع عن قلوب الناس يوم القيامة، بل نقول: الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسر الآية بتفسير غيبي لا مجال للاجتهاد فيه، وما كان غيبيا وجاء به النص؛ فالواجب علينا قبوله، ولهذا نقول في مسألة ما يعذر فيه بالاجتهاد وما لا يعذر: إنه ليس عائدًا على أن هذا من الأصول وهذا من الفروع؛ كما قال بعض العلماء: الأصول لا مجال للاجتهاد فيها، ويخطئ المخالف مطلقًا، بخلاف الفروع. فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض، وصفة سفيان بكفه، فحرفها وبدد بين أصابعه، فيسمع الكلمة، فيلقيها إلى من تحته لكن شيخ الإسلام ابن تيمية أنكر تقسيم الدين إلى أصول وفروع، ويدل على بطلان هذا التقسيم: أن الصلاة عند الذين يقسمون من الفروع، مع أنها من أجل الأصول. والصواب: أن مدار الإنكار على ما للاجتهاد فيه مجال وما لا مجال فيه؛ فالأمور الغيبية ينكر على المخالف فيها ولا يعذر، سواء كانت تتعلق بصفات الله أو اليوم الآخر أو غير ذلك؛ لأنه لا مجال للاجتهاد فيها. أما الأمور العملية التي للاجتهاد فيها مجال؛ فلا ينكر على المخالف فيها إلا إذا خالف نصا صريحا، وإن كان يصح تضليله بهذه المخالفة؛ كقول ابن مسعود في بنت وبنت ابن وأخت: (1)
(1) البخاري: كتاب الفرائض /باب ميراث ابنة ابن مع ابنة. ]. قوله: و(مسترق): مفرد مضاف؛ فيعم جميع المسترقين. وتأمل كلمة (مسترق)؛ ففيها دليل على أنه بيادر، فكأنه يختلسها اختلاسا بسرعة، ويؤيده قوله: ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أوالكاهن، قوله: قوله: قوله: قوله: والسحر: عزائم ورقى وتعوذات تؤثر في بدن المسحور وقلبه وعقله وتفكيره. والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل. وقد التبس على بعض طلبة العلم؛ فظنوا أنه كل من يخبر عن الغيب ولو فيما مضى؛ فهو كاهن، لكن ما مضى مما يقع في الأرض ليس غيبا مطلقا، بل هو غيب نسبي، مثل ما يقع في المسجد يعد غيبا بالنسبة لمن في الشارع، وليس غيبا بالنسبة لمن في المسجد. وقد يتصل الإنسان بجني، فيخبره عما حدث في الأرض ولو كان بعيدا؛ فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه فيستخدم الجن، لكن ليس على وجه محرم؛ فلا يسمى كاهنا؛ لأن الكاهن من يخبر عن المغيبات في المستقبل. وقيل: الذي يخبر عما في الضمير، وهونوع من الكهانة في الواقع، إذا لم يستند إلى فراسة ثاقبة، أما إذا كان يخبر عما في الضمير استنادا إلى فراسة؛ فإنه ليس من الكهانة في شيء؛ لأن بعض الناس قد يفهم ما في الإنسان اعتمادا على أسارير وجهه ولمحاته، وإن كان لا يعلمه على وجه التفصيل، لكن يعلمه على سبيل الإجمال. فمن يخبر عما وقع في الأرض ليس من الكهان، ولكن ينظر في حاله، فإذا كان غير موثوق في دينه؛ فإننا لا نصدقه؛ لأن الله تعالى يقول: وإن كان موثوقا في دينه، ونعلم أنه لا يتوصل إلى ذلك بمحرم من شرك أو غيره؛ فإننا لا ندخله في الكهان الذين يحرم الرجوع إلى قولهم، ومن يخبر بأشياء وقعت في مكان ولم يطلع عليها أحد دون أن يكون موجودا فيه؛ فلا يسمى كاهنا؛ لأنه لم يخبر عن مغيب مستقبل يمكن أن يكون عنده جني يخبره، والجني قد يخدم بني آدم بغير المحرم؛ إما محبة لله ـ عز وجل ـ أولعلم يحصله منه، أولغير ذلك من الأغراض المباحة. والسحرة قد يكون لهم من الجن من يسترق لهم السمع. ولا يصل هؤلاء المسترقون إلا إلى السماء الدنيا؛ لقوله تعالى: فيكذب معها مئة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء) [البخاري: كتاب التفسير /باب قوله: (فربما أدركه الشهاب ......إلخ)، الشهاب: جزء منفصل من النجوم، ثاقب، قوي، ينفذ فيما يصطدم به. قال العلماء في التفسير قوله تعالى: فالشهب: نيازك تنطلق من النجوم. وهي كما قال أهل الفلك: تنزل إلى الأرض، وقد تحدث تصدعا فيها. أما النجم، فلووصل إلى الأرض؛ لأحرقها. واختلف العلماء: هل المسترقون انقطعوا عن الاستراق بعد بعثة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الأبد، أوانقطعوا في وقته فقط؟ الثاني هوالأقرب: أنهم انقطعوا في وقت البعثة فقط، حتى لا يلتبس كلام الكهان بالوحي، ثم بعد ذلك زال السبب الذي من أجله انقطعوا. قوله: الثاني هو الأقرب، وقد تزيد عن ذلك وقد تنقص؛ فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ والناس في هذه الأمور الغريبة على حسب ما أخبر به المخبر يأخذون كل ما يقوله صدقا، فإذا أخبر بشيء فوقع، ثم أخبر بشيء ثان؛ قالوا: إذن لابد أن يصدق. * · فوائد الحديث: 1-إثبات القول لله ـ عز وجل ـ. 2-عظمة الله ـ سبحانه وتعالى ـ. 3- إثبات الأجنحة للملائكة. 4-خوف الملائكة من الله ـ عز وجل ـ وخضوعهم له. 5-أن الملائكة يتكلمون ويعقلون. 6-أنه لا يصدر عن الله إلا الحق 7-أن الله ـ سبحانه ـ يمكن هؤلاء الجن من الوصول إلى السماء فتنة للناس، وهي ما يلقونه على الكهان، فيحصل بذلك فتنة، والله ـ عز وجل ـ حكيم. وقد يوجد الله أشياء تكون ضلالا لبعض الناس، لكنها لبعضهم هدى امتحانا وابتلاء. 8- كثرة الجن؛ لأنهم يترادفون إلى السماء، ومعنى ذلك أنهم كثيرون جدا، وأجسامهم خفيفة يطيرون طيرانا. وذكر ذلك عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في السحرة الذين يستخدمون الجن وتطير بهم: أنهم يصبحون يوم عرفة في بلادهم ويقفون مع الناس في عرفة، وهذا ممكن الآن في الطائرات، لكن في ذلك الوقت ليس هناك طائرات؛ فتحملهم الشياطين، ويجعلون للناس المكانس التي تكنس بها. وعن النواس بن سمعان (رضي الله عنه)؛ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: البيوت، ويقول: أنا أركب المكنسة وأطير بها إلى مكة؛ فيفعلون هذا، وشيخ الإسلام يقول: إن هؤلاء كذبة ومستخدمون للشياطين، ويسيئون حتى من الناحية العملية؛ لأنهم يمرون الميقات ولا يحرمون منه. 9-أن الكهان من أكذب الناس، ولهذا يضيفون إلى ما سمعوا كذبات كثيرة يضللون بها الناس، ويتوصلون بها إلى باطلهم تارة بالترهيب وتارة بالترغيب، كأن يقولوا: ستقوم القيامة يوم كذا وكذا، وسيجري عليك كذا من موت أوسرقة مال ونحوذلك. 10-أن الساحر يصور للمسحور غير الواقع، وفي هذا تحذير من أهل التمويه والتلبيس، وأنهم إن صدقوا في شيء؛ فيجب الحذر منهم بكل حال. * * * * قوله: (وعن النواس .....)، هذا الحديث لم يخرجه المؤلف، لكن قد ذكره ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم، وذكر فيه علة؛ وهي في سنده الوليد بن مسلم، وهومدلس، وقد رواه عن شيخه بالعنعنة؛ فيكون في الحديث ضعف، إلا أنه قد روى مسلم [(كتاب السلام /باب تحريم الكهانة).] وأحمد من الحديث ابن عباس حديثا قد يكون شاهدا له، حيث أخبر أن الله إذا تكلم بالوحي سمعه حملة العرش، فسبحوا، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل، فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة، كلما مر بسماء؛ سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ ثم سمعه أهل كل سماء، فيسبحون كما سبح أهل السماء السابعة، حتى يصل إلى السماء الدنيا، فتخطفه الجن أوالشياطين. وهذا وإن لم يكن فيه ذكر رجفة السماء أوالسجود؛ لكن يدل على أن له أصلا. قوله: قوله: (تكلم بالوحي)، جملة شرطية تقتضي تأخر المشروط عن الشرط؛ فالإرادة سابقة، والكلام لاحق؛ فيكون فيه رد على الأشاعرة الذين يقولون: إن الله لا يتكلم بإرادة، وإن كلامه أزلي؛ كالسمع والبصر؛ ففيه إثبات الكلام الحادث، ولا ينقص كمال الله إذا قلنا: إنه يتكلم بما شاء، كيف شاء، متى شاء، بل هذا صفة كمال، لكن النقص أن يقال: إنه يتكلم بحرف وصوت، إنما الكلام معنى قائم بنفسه. قوله: قوله: قوله:
فيقول: قال الحق، وهوالعلي الكبير. فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل) [تفسير ابن جرير الطبري (22/91)، وابن كثير في تفسيره (6/504).] فإن قيل: كيف يمكن أن يصعقوا ويخروا سجدا؟ فالجواب: أن الصعق هنا ـ والله أعلم ـ يكون قبل السجود، فإذا أفاقوا سجدوا. قوله: قوله: (بما أراد)، أي: بما شاء؛ لأن الله تعالى يتكلم بمشيئة. قوله: قوله: قوله: قوله: قوله: من فوائد الحديث: 1- إثبات الإرادة لقوله: (إذا أراد الله) وهي قسمان: شرعية وكونية. والفرق بينهما أولا: من حيث المتعلق؛ فالإرادة الشرعية تتعلق بما يحبه الله ـ عز وجل ـ سواء وقع أو لم يقع، وأما الكونية؛ فتتعلق بما يقع، سواء كان يحبه الله أو مما لا يحبه. ثانيا: الفرق بينهما من حيث الحكم، أي حصول المراد؛ فالشرعية لا يلزم منها وقوع المراد، أما الكونية؛ فيلزم منها وقوع المراد. فقوله تعالى: وقوله وقوله: وقوله تعالى: 2- أن المخلوقات وإن كانت جمادًا تحس بعظمة الخالق، قال تعالى: 3- إثبات أن الملائكة يتكلمون ويفهمون ويعقلون لأنهم يسألون: 4- إثبات تعدد السماوات؛ لقوله (كلما مر بسماء). 5- أن لكل سماء ملائكة متخصصين؛ لقوله: (سأله ملائكتها). 6- فضيلة جبريل عليه السلام حيث إنه المعروف بأمانة الوحي، ولهذا قال ورقة بن نوفل: 7- أمانة جبريل عليه السلام، حيث ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله ـ عز وجل ـ فيكون فيه رد على الرافضة الكفرة الذين يقولون: بأن جبريل أمر أن يوحي إلى علي فأوحى إلى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويقولون: خان الأمين فصدها عن حيدرة، وحيدرة لقب لعلي بن أبي طالب؛ لأنه كان يقول في غزوة خيبر: أنا الذي سمتني أمي حيدرة [مسلم: كتاب الجهاد/باب غزوة ذي قرد]. وفي هذا تناقض منهم؛ لأن وصفه بالأمانة يقتضي عدم الخيانة. 8- إثبات العزة والجلال لله ـ عز وجل ـ لقوله: (عز وجل)، والعزة بمعنى الغلة والقوة، وللعزيز ثلاثة معان: 1 1 - عزيز: بمعنى ممتنع أن يناله أحد بسوء 2 2 - عزيز: بمعنى ذي قدر لا يشاركه في أحد. 3 3 - عزيز: بمعنى غالب قاهر. الأولى: تفسير الآية. الثانية: ما فيها من الحجة على إبطال الشرك، خصوصًا من تعلق على الصالحين، وهي الآية التي قيل: إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب. قال ابن القيم في النونية: وهو العزيز القاهر الغلاب لم ** يغلبه شيء هذه صفتــان
وهوالعزيز بقوة هي وصفه ** فالعز حينئذ ثلاث معــان وأما جل: فالجلال بمعنى العظمة التي ليس فوقها عظمة. * * * * الأولى: تفسير الآية، أي قوله تعالى: * الثانية: ما فيه من الحجة على إبطال الشرك، وذلك أن الملائكة وهم من هم في القوة والعظمة يصعقون ويفزعون من تعظيم الله؛ فكيف بالأصنام التي تعبد من دون الله وهي أقل منهم بكثير؛ فكيف يتعلق الإنسان بها؟! ولذلك قيل: إن هذه الآية هي التي تقطع عروق الشرك من القلب؛ لأن الإنسان إذا عرف عظمة الرب سبحانه حيث ترتجف السماوات ويصعق أهلها بمجرد تكلمه بالوحي؛ فكيف يمكن للإنسان أن يشرك بالله شيئًا مخلوقًا ربما يصنعه بيده حتى كان جهال العرب يصنعون آلهة من التمرإذا جاع أحدهم أكلها؟! الثالثة: تفسير قوله: وينزل أحدهم بالوادي فيأخذ أربعة أحجار: ثلاثة يجعله تحت القدر، والرابع ـ وهوأحسنها ـ يجعلها إلهًا له. * الثالثة: تفسير قوله: * الرابعة: سبب سؤالهم عن ذلك، فالسؤال: ماذا قال ربكم؟ وسببه شدة خوفهم منه وفزعهم خوفًا من أن يكون قد قال فيهم ما لا يطيقونه من التعذيب. * الخامسة: أن جبريل يجيبهم بعد ذلك بقوله: قال كذا وكذا؛ أي: يقول: قال الحق. * السادسة: ذكر أن أول من يرفع رأسه جبريل، لحديث النواس بن سمعان، وفيه فضيلة جبريل. *السابعة: أنه يقول لأهل السماوات كلهم لأنهم يسألونه، وفي هذا دليل على عظمته بينهم. * الثامنة: أن الغشي يعم أهل السماوات كلهم، تؤخذ من قوله: التاسعة: ارتجاف السماوات لكلام الله. العاشرة: أن جبريل هوالذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله. الحادية عشرة: ذكر استراق الشياطين. الثانية عشرة: صفة ركوب بعضهم بعضًا. الثالثة عشرة: إرسال الشهب. الرابعة عشرة: أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل أن يدركه. * التاسعة: ارتجاف السماوات لكلام الله: * العاشرة: أن جبريل هوالذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره، أي: لا أحد يتولى إيصال الوحي غير جبريل حتى يوصله إلى حيث أمره به؛ لأنه الأمين على الوحي. *الحادية عشرة: ذكر استراق الشياطين، أي: الذين يسترقون ما يسمع في السماوات، فيلقونه على الكهان، فيزيد فيه الكهان وينقصون. * الثانية عشرة: صفة ركوب بعضهم بعضًا، وصفها سفيان رحمه الله بأن حرف يده وبدد بين أصابعة. * الثالثة عشرة: إرسال الشهب، يعني: التي تحرق مسترقي السمع، قال تعالى: * · الرابعة عشرة: أنه تارة يدركه الشهاب قبل أن يلقيها، وتارة يلقيها في أذن وليه من الإنس قبل ان يدركه. الخامسة عشرة: كون الكاهن يصدق بعض الأحيان. السادسة عشرة: كونه يكذب معها مئة كذبة. السابعة عشرة: أنه لم يصدق كذبة إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء. * الخامسة عشرة: كون الكاهن يصدق بعض الأحيان، لأنه يأتي بما سمع من السماء ويزيد عليه، وإذا وقع ما في السماء؛ صار صادقًا. * اعتراض وجوابــه: كيف يسمع المسترقون الكلمة وعندما يسأل الملائكة جبريل يجابون بقال الحق فقط؟ والجواب: إن الوحي لا يعلمه أهل السماء، بل هو من الله إلى جبريل إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ. أما الأمور القدرية التي يتكلم الله بها؛ فليست خاصة بجبريل، بل ربما يعلمها أهل السماء مفصلة، ثم يسمعها مسترقوالسمع. * السادسة عشرة: كونه يكذب معها مئة كذبة، أي: يكذب مع الكلمة التي تلقاها من المسترق. وقوله: (مئة كذبة) هذا على سبيل المبالغة كما سبق وليس على سبيل التحديد. * · السابعة عشرة: أنه لم يصدق إلا بتلك الكلمة التي سمعت من السماء، وأما ما قاله من عنده؛ فهوتخرص؛ فالكلمة التي سمعها تصدق، والذي يضيفه كله كذب يموه به على الناس. الثامنة عشرة: قبول النفوس للباطل ! كيف يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمئة؟! التاسعة عشرة: كونهم يتلقى بعضهم من بعض تلك الكلمة ويحفظونها ويستدلون بها. والعشرون: إثبات الصفات خلافًا للأشعرية المعطلة. * الثامنة عشرة: قبول النفوس للباطل يتعلقون بواحدة ولا يعتبرون بمئة؟! وهذا صحيح، وليس صفة عامة لعامة الناس، بل لأهل الجهل والسفة؛ فهم يتعلقون بالكاهن من أجل صدقه مرة واحدة، وأما مئة كذبة؛ فلا يعتبرون بها، ولا شك أن بعض السفهاء بغترون بالصالح المغمور بالمفاسد، ولكن لا يغتر به أهل العقل والإيمان ولهذا لما نزل قوله تعالى: * التاسعة عشرة: كونهم يتلقى بعضهم من بعض تلك الكلمة ويحفظونها..الخ، الكلمة: هي الصدق؛ لأنها هي التي تروج بضاعتهم، ولوكانت بضاعتهم كلها كذبًا ما راجت بين الناس. * العشرون: إثبات الصفات خلافًا للأشعرية المعطلة: هم الذين ينتسبون إلى أبي الحسن الأشعري وسموا معطلة لأنهم يعطلون النصوص عن المعنى المراد بها ويعطلون ما وصف الله به نفسه. والمراد تعطيل أكثر ذلك فإنهم يعطلون أكثر الصفات ولا يعطلون جميعها، بخلاف المعتزلة؛ فالمعتزلة ينكرون الصفات ويؤمنون بالأسماء، هؤلاء عامتهم، وإلا؛ فغلاتهم ينكرون حتى الأسماء، وأما الأشاعرة؛ فهم معطلة اعتبارًا بالأكثر؛ لأنهم لا يثبتون من الصفات إلا سبعًا، وصفاته تعالى لا تحصى، وإثباتهم لهذه السبع ليس كإثبات السلف؛ فمثلًا: الكلام عند أهل السنة أن الله يتكلم بمشيئته بصوت وحرف. والأشاعرة قالوا: الكلام لازم لذاته كلزومه الحياة والعلم، ولا يتكلم بمشيئته، وهذا الذي يسمع عبارة عن كلام الله وليس كلام الله، بل هومخلوق؛ فحقيقة الأمر أنهم لم يثبتوا الكلام، ولهذا قال بعضهم: إنه لا فرق بيننا وبين المعتزلة في كلام الله؛ لأننا أجمعنا على أن ما بين دفتي المصحف مخلوق، وحجتهم في إثبات الصفات السبع: أن العقل دل عليها. وشبهتهم في إنكار البقية: زعموا أن العقل لا يدل عليها. والرد عليهم بما يلي: 1- أن كون العقل يدل على الصفات السبع لا يدل على انتفاء ما سواها؛ فإن انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول؛ فهب أن العقل لا يدل على بقية الصفات، لكن السمع دل عليها؛ فنثبتها بالدليل السمعي. 2- أنها ثابته بالدليل العقلي بنظير ما أثبتم هذه السبع؛ فمثلًا: الإرادة ثابته لله عندهم بدليل التخصيص، حيث إن الله جعل الشمس شمسًا والقمر قمرًا والسماء سماء والأرض أرضًا، وكونه يميز بين ذلك معناه أنه سبحانه وتعالى يريد؛ إذ لولا الإرادة؛ لكانت الدنيا كلها سواء، فأثبتوها لأن العقل دل عليها. فنقول لهم: الرحمة لحظة على الخلق إلا وهم في نعمة من الحادية والعشرون: التصريح بأن تلك الرجفة والغشي خوفًا من الله عز وجل. الثانية والعشرون: أنهم يخرون لله سجدًا. الله؛ فهذه النعم العظيمة من الله تدل على رحمته لخلقه أدل من التخصيص على الإرادة. والانتقام من العصاة يدل على بغضه لهم، وإثابة الطائعين ورفع درجاتهم في الدنيا والآخرة يدل على محبته لهم أدل على التخصيص من الإرادة، وعلى هذا فقس؛ فالمؤلف رحمه الله لما كان الأشعرية لا يثبتون إلا سبع صفات على خلاف في إثباتها مع أهل السنة جعلهم معطلة على سبيل الإطلاق، وإلا؛ فالحقيقة أنهم ليسوا معطلة على سبيل الإطلاق. * الحادية والعشرون: التصريح بأن تلك الرجفة والغشي خوفًا من الله ـ عز وجل ـ فيدل على عظمة الخالق جل وعلا، حيث بلغ خوف الملائكة منه هذا المبلغ. * الثانية والعشرون: أنهم يخرون لله سجدًا، أي: تعظيمًا لله وإتقاء لما يخشونه؛ فتفيد تعظيم الله ـ عز وجل ـ كالتي قبلها. * * *
|